فضل سورة النور في الرقية
إنّ فضائل سور القرآن الكريم وما يترتّب عليها من الثواب والأجر لا يثبت إلا بالأدلة الشرعية الصحيحة، ولكنّ الأمر في باب العلاج والرّقى واسع، لأنّ القرآن الكريم كلّه خير وشفاء وبركة، قال -تعالى-: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)، [الإسراء:82] وبناءً على ذلك من جرّب الرقية بسور وآيات معيّنة فلا بأس أن يعمل بها، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا بَأْسَ بالرُّقَى ما لَمْ يَكُنْ فيه شِرْكٌ).[١][٢]
ولم يثبت في فضل سورة النّور في الرّقية فضلٌ محدَّدٌ، ولكنّها تدخل في عموم الخيريّة والبركة في التحصين بالقرآن الكريم، وقد ركّز العديد من أهل العلم والرّقاة الذين جمعوا العديد من الآيات القرآنية الكريمة وقالوا بنفعها في باب العلاج والرقية على الآية الخامسة والثلاثين من سورة النّور، وهي قوله -تعالى-:[٣]
(اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّـهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، [النور:35] فيُشرع الاستشفاء بها مع باقي آيات الرقية الشرعية.
ما لا يُشرع في الرقية بسورة النور
أوضحنا فيما سبق جواز الرقية بالسور التي وجد فيها المرء نفعاً له بالتحصين والعلاج، ويجوز له أن يكرّر ذلك ما لم يعتقد أنّها سنة ثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، بحيث يجب الالتزام بها وعدم تركها، ولا يُشرع كذلك أن يُلزم نفسه وغيره بتكرار السورة 10 مرات مثلاً وفي وقت كذا، لأنّ مثل هذه الأمور تحتاج لدليلٍ شرعيٍّ يثبت جواز العمل بها.[٤]
وكذا الأمر في الاعتقاد بأنّ هذه السورة تُعالج مرضاً معيَّناً، ونشر هذا الاعتقاد بين النّاس، واختيار مواقيت خاصة وأعدادٍ محدّدة لقراءتها، ونحو ذلك من الأساليب والطرق التي لا يسعفها دليلٌ شرعي، فكلّ ذلك من التكلُّف، وليس من السنة النبوية، بل هو أقرب إلى الابتداع.[٥]
السور التي يستحب قراءتها في الرقية
يُستحبّ للمسلم أن يرقي نفسه بما ثبت نفعه في السنة النبوية الشريفة، والسور والآيات القرآنية الكريمة التي ثبت فيها الفضل في التحصين والرقية هي:[٦]
- سورة الفاتحة.
- سورة البقرة.
- آية الكرسي.
- آخر آيتين من سورة البقرة.
- سورة الإخلاص والمعوّذتين -الفلق والنّاس-.
وبالتّأكيد هذا لا يمنع الرقية والتحصين بغيرها من السور والآيات الكريمة -كما أوضحنا في بداية المقال-، لأنّ القرآن الكريم شفاءٌ كلّه، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)، [يونس:57] وقد جمع الرّقاة وأهل العلم العديد من الآيات القرآنية الكريمة التي نفعت الكثير في العلاج والتحصين بإذن الله، والشّفاء كلّه لا يكون إلا بإرادة الله -سبحانه- القادر على كلّ شيء.
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم:2200، صحيح.
- ↑ "فضائل سور (الأنبياء - الصافات - يس - الجن)"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 8/6/2023. بتصرّف.
- ↑ د. خالد الجريسي، "الرقية الشرعية كاملة من القرآن والسنة"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 8/6/2023. بتصرّف.
- ↑ "حكم تكرار بعض الآيات أو السور بعدد محدد في الرقية"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 8/6/2023. بتصرّف.
- ↑ "تسأل عن حكم شرب ماء قرأ عليه سورة يس لعلاج الشكوك"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 8/6/2023. بتصرّف.
- ↑ ابن عثيمين، فتاوى نور على الدرب، صفحة 2، جزء 4. بتصرّف.