تنبيهات مهمة حول أعراض ما بعد الرقية

لا بدّ من الإشارة إلى عدّة تنبيهاتٍ أساسية قبل الشروع في أسباب الأعراض التي تظهر بعد الرقية الشرعية، لأنّ فهم سبب وجود بعض الأعراض ينبني على الفهم الدقيق لهذه الضوابط والتنبيهات أيضاً، ونذكرها بشيءٍ من الاختصار في النّقاط الآتية:[١]


  • إنْ غلب على ظنّ الراقي الأمين أن وجود بعض الأعراض كان بسبب مرضٍ روحيٍّ -كالعين والسحر والحسد- فإنّه يصعب تحديد سبب ذلك العرض بشكلٍ دقيق؛ لأنّ أعراض هذه الأمراض متشابهة جداً، ومتداخلة إلى حدٍّ كبيرٍ كما يذكر الرّقاة والمجرّبون المختصّون.


  • لا يُشترط أن تكون الأعراض مرتبطة دائماً بالرقية والأمراض الروحية، إذ ربّما كان صاحبها يحتاج لعلاجٍ عضويٍّ أو نفسيٍّ عند الأطباء المختصّين أيضاً، فيلزمه الأخذ بأسباب العلاج وعدم التواكل وربط كلّ أمرٍ مزعجٍ بالعين والحسد ونحوه.


  • لا مانع أن يُشخّص الراقي المأمون مَن يرقيه بأسباب بعض العلامات والأعراض الظاهرة، خاصَّةً إذا دلّت عليها العديد من القرائن المتكرّرة بالتجربة والخبرة، بشرط أن لا يجزم بسببها، لأنّ هذه الأعراض والعلامات تبقى ظنّية ولا دليل ثابت عليها، ولا يمكن لأحدٍ الجزم بسببها.[٢]


سبب كثرة الكوابيس بعد الرقية

بعد بيان التنبيهات والتوضيحات المهمّة سابقاً بشأن الأعراض التي تظهر بعد الرقية يُمكننا القول بأنّ كثرة الكوابيس بعد الرقية الشرعية قد يكون لها عدّة احتمالات ظنّية، ولعلّ منها ما يأتي:

يذكر بعض العلماء أنّ كثرة رؤية الكوابيس والأحلام المزعجة قد تدلّ على أنّ صاحبها مصابٌ بعينٍ أو حسدٍ ونحوه، خاصة إذا كان يرى في مناماته الحيوانات المؤذية؛ كالكلاب، أو الثعابين، أو العقارب، أو القطط المؤذية، وفي هذه الحالة عليه أن يستمرّ في علاج نفسه بالرقية، وعليه أن يحافظ على أذكاره قدر المستطاع، وخاصة أذكار النوم.[٣]


  • الحلم المزعج من الشيطان ليُحزن المؤمن

ذكر بعض أهل العلم أنّ كثرة الكوابيس قد تكون بسبب تربّص الشيطان بالإنسان حتى يوقفه عن الاستمرار بالرقية وذكر الله -تعالى-، لأنّ ذلك يؤذيه، وحتى يُحزن قلبه، ويُكدّر عليه خاطره، وقد أخبر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّ الأحلام المزعجة التي يراها المؤمن في منامه من الشيطان، فقال: (الحُلْمُ مِنَ الشَّيْطانِ)،[٤] وأرشد إلى كيفية التعامل معها، وسيأتي بيان ذلك لاحقاً.


  • ربما كانت بسبب مرضٍ عضويّ

قد تكون كثرة الكوابيس بسبب مرضٍ عضويٍّ أو نفسيٍّ يحتاج إلى العلاج والمتابعة عند المختصّين، وفي هذه الحالة يُنصح صاحبها بالذهاب إلى الطبيب المختصّ حتى يأخذ العلاج المناسب لحالته،[٥] وقد قسّم أحد الأخصّائيين الكوابيس التي يراها النّائم إلى كوابيس عارضة تتعلّق بالأسباب المادية، وأخرى متكرّرة تتعلّق بمرضٍ روحي كما في النقطة الأولى.[٦]


وقال إنّ الكوابيس العارض تحدث لأسبابٍ مادية عديدة تحتاج إلى العلاج، ومنها: تعاطي بعض الأدوية والمضادات التي تُسبّب مثل ذلك، أو التوقّف عن بعض الأدوية المهدّئة والمسكّنة لمن يحتاجها، أو تجمّع البخارات في المجرى التنفّسي، والتي تنصبّ من الدماغ دفعةً واحدة عند الدخول إلى النوم، فيؤدّي ذلك إلى الشعور بثقل الكلام والحركة، بالإضافة إلى الفزع، وقد تكون هذه الكوابيس أيضاً بسبب بعض الضغوطات النفسية.[٦]


علاج كثرة الكوابيس والأحلام المزعجة

يعتمد علاج كثرة الكوابيس على صدق اللجوء إلى الله -تعالى- والتوكّل عليه، والاستمرار بالعلاج بالرقية والأدعية والأذكار مع الصبر والمصابرة على ذلك، ويُنصح مَن يرى الأحلام المزعجة أن يحافظ على قراءة السُّور التي تُحصّنه بإذن الله من الضرّ والأذى، وخاصة سورة الإخلاص مع المعوّذتين، وآية الكرسي، وسورة البقرة وخواتيمها، بالإضافة إلى أذكار الصباح والمساء، وأذكار ما قبل النوم.[٧]


وقد أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- مَن رأى حلماً مزعجاً أن يستعيذ بالله -تعالى- من شرّ ما رأى، ويتفل على يساره، ولا يُحدّث به أحداً، إذْ يقول -عليه الصلاة والسلام-: (إنْ رَأَى ما يَكْرَهُ فَلْيَتْفُلْ عن يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ باللَّهِ مِن شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرِّهَا، وَلَا يُحَدِّثْ بهَا أَحَدًا فإنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ).[٨]

المراجع

  1. خالد الجريسي، ارق نفسك وأهلك بنفسك، صفحة 191. بتصرّف.
  2. ناصر العقل، دروس الشيخ ناصر العقل، صفحة 15، جزء 12. بتصرّف.
  3. خالد الجريسي، ارق نفسك وأهلك بنفسك، صفحة 196. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:7005، صحيح.
  5. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1190، جزء 10. بتصرّف.
  6. ^ أ ب محمد صالح المنجد، الإسلام سؤال وجواب، صفحة 8289، جزء 5. بتصرّف.
  7. "علاج رؤية الكوابيس"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 30/5/2023. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الرحمن بن عوف، الصفحة أو الرقم:2261، صحيح.