هل يجوز استعمال الملح في الرقية؟

هل يجوز استعمال الملح في الرقية؟

لا يجوز استعمال الملح في الرقية، فلم يرد أي دليلٍ من الكتاب والسنة على جواز ذلك، ولم يرد أيضأً عن السلف الصالح أنّهم استعملوا الملح في الرقية، إلّا أنّ بعض العلماء المعاصرين أجازوا استعماله، ومنهم: ابن جبرين، ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ، ومنعه أيضاً ابن عثيمين -رحمه الله- فأجاب عن سؤال استعمال الملح قائلاً: "لا، هذا غير صحيحٍ، قولهم: إنّه إذا قرأ على الملح وذره في البيت لا تقرّبه الشياطين، هذا خطأ وليس بصحيحٍ، ولا يجوز العمل به"، وبعد بيان الخلاف بين الجواز والمنع فالأولى ترك استعمال الملح في الرقية.^[١]

فلا يجوز للمسلم اللجوء إلى أسباب جلب النفع أو دفع الضر والشرّ إلّا بما ثبت جوازه شرعاً، قال الشيخ صالح آل الشيخ: "اعتقادات الناس في دفع العين لا حصر لها، والجامع لذلك أنّ كلّ شيءٍ يفعله الناس بما يعتقدونه سبباً وليس هو بسببٍ شرعي ولا قدري فإنّه لا يجوز اتخاذه"، وقال الشيخ علي محفوظ في كتابه الإبداع في مضار الابتداع: "ومنها -أي من البدع - ما يعمل في اليوم السابع من الولادة وليلته من تزيين نحو الإبريق بأنواع الحلي والرياحين من رشح الملح وإيقاد الشموع والدق بالهون ونحوه من الكلمات المعروفة، ثمّ تعليق شيءٍ من الحبوب مع الملح على الطفل".^[٢]

الطرق والوسائل الشرعية لتحصين وحفظ البيت والنفس

ثبتت في الشرع بعض الوسائل والطرق المشروعة في حفظ وتحصين البيت والنفس، فيما يأتي بيان وشرح عددٍ منها:^[٣][٤]

• ذكر الله عند دخول البيت بقول: "بسم الله"، فالتسمية تطرد الشياطين من البيوت وتحصّنها من شرورها.
• السلام على أهل البيت عند الدخول عليهم، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ثلاثةٌ كلُّهم ضامنٌ على اللهِ، إن عاش رُزِقَ وكُفِيَ، وإن مات أدخلَه اللهُ الجنَّةَ: من دخل بيتَه فسلَّمَ فهو ضامنٌ على اللهِ).^[٥]
• أداء صلوات النوافل والسنن في البيت، فصلاتها في البيت أفضل من صلاتها في المسجد إلّا إن وُجد في البيت انشغالاتٍ وإزعاجاتٍ، أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ المَرْءِ في بَيْتِهِ إلَّا المَكْتُوبَةَ)،^[٦] وأخرج الإمام مسلم عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إذا قَضَى أحَدُكُمُ الصَّلاةَ في مَسْجِدِهِ، فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِن صَلاتِهِ، فإنَّ اللَّهَ جاعِلٌ في بَيْتِهِ مِن صَلاتِهِ خَيْرًا).^[٧]
• المداومة على تلاوة القرآن الكريم في البيت والإكثار منه، وخاصّةً سورة البقرة، فإنّ الشياطين تفرّ من البيوت التي يُذكر فيها اسم الله وتتنزّل الملائكة فيها، أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ).^[٨]
• عدم اقتناء الكلاب ووضعها في البيوت إلّا لغرضٍ مشروعٍ من الصيد أو الحراسة، فوجود الكلاب في البيوت تمنع دخول الملائكة إليها، أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، إلَّا كَلْبًا ضارِيًا لِصَيْدٍ أوْ كَلْبَ ماشِيَةٍ، فإنَّه يَنْقُصُ مِن أجْرِهِ كُلَّ يَومٍ قِيراطانِ).^[٩]
• عدم ترك النار مشتعلةً في البيت وخصةً في الشتاء، فقد نهى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن إبقاء النار مشتعلةً في البيت عند الخروج منه أو عند النوم، أخرج البخاري عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (احْتَرَقَ بَيْتٌ بالمَدِينَةِ علَى أهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَحُدِّثَ بشَأْنِهِمُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: إنَّ هذِه النَّارَ إنَّما هي عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فأطْفِئُوهَا عَنْكُمْ).^[١٠]
• تحصين أفراد الأسرة بالعديد من الطرق المشروعة، منها: تعليمهم توحيد الله وعبادته وحده وتحذيرهم من الشرك به، قال الله -تعالى- في وصية لقمان لابنه: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّـهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)،^[١١] ومن الوسائل أيضاً: إحياء قيمة تعظيم الله في نفوس أفراد الأسرة، وتعليمهم معاني أسماء الله الحسنى وصفاته العليا، والتفكّر والتدبّر في عظيم خلقه وقدرته، وتعويدهم على الدعاء واللجوء إلى الله -سبحانه- والتضرّع والافتقار إليه،

ومن أهمّ ما يحصّن أفراد الأسرة: محافظتهم على الصلاة وحرصهم على أدائها في أوقاتها المحدّدة شرعاً، فهي عمود الدِّين وأساسه، والسبب الرئيس لتحقيق السكينة والطمأنينة في القلوب والنفوس، ويُضاف إلى الوسائل السابقة: الحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البرّ والتقوى والعبادة.