كيفية التخلص من الماء المقروء عليه

قال أهل العلم بأن الماء المقروء عليه من القرآن الكريم لا يُعدّ قرآناً، ولكنّ تعظيم كلام الله -عزّ وجلّ- يقتضي صيانة الماء المرقيّ عن مخالطة النجاسات،[١] مع الإشارة إلى تعدّد آراء أهل العلم في حكم الاغتسال بهذا الماء في الحمّام ودورات المياه، وسيأتي تفصيل ذلك لاحقاً، ويُمكن التخلّص من الماء المقروء عليه بعيداً عن اختلاطه بالقاذورات بالوسائل الآتية:

  • إذا كان الماء المقروء عليه معدَّاً للشرب فالأفضل أن يتابع المسلم العلاج بشربه حتى ينفد.


  • إذا كان الماء المقروء عليه معدَّاً للاغتسال فيغتسل صاحبه في مكانٍ طاهر، فإن لم يجد إلا الحمام اغتسل في إناءٍ طاهرٍ، وصَبَّ الماء في داخله حتى لا يجري مع مجرى النجاسات.[٢]


  • الماء الذي يزيد بعد الاغتسال يسكبُهُ صاحبه في مكانٍ طاهرٍ، وله أن يفعل ما يأتي:[٣]
  • أن يسكبه في حديقة المنزل.
  • أن يسقي به الزّرع.
  • أن يسكبه فوق ترابٍ حتى يتشرّبه، أو في مكانٍ طاهرٍ يجفّ فيه من الشمس.


حكم استعمال الماء المقروء عليه في دورات المياه

تعدّدت آراء أهل العلم في حكم الاغتسال بالماء المقروء عليه في الحمّام ودورات المياه المعروفة التي يجري الماء في بلاليعها مع النجاسات الموجودة عادةً، وبيان أقوالهم فيما يأتي:


القول الأول: عدم الجواز والكراهة

ذهب العديد من العلماء إلى عدم جواز الاغتسال بالماء المقروء عليه في الحمّامات المعروفة التي يجري فيها الماء في المصارف مع الأذى والنجاسة، لأنّ في ذلك منافاةً لتعظيم القرآن الكريم والأدب معه، لِذا ينبغي صيانة هذا الماء المقروء عليه من مخالطة القاذورات والنجاسات،[٤] ومن أقوال أهل العلم في ذلك ما يأتي:

  • قول أحد الفقهاء المالكية

سُئل الشيخ عُليش المالكية عن غسل اللوح الذي كُتِب فيه القرآن بموضعٍ نجس، فقال: "لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ: وَمِنْ حُرْمَةِ الْقُرْآنِ أَنْ لَا يُمْحَى مِنْ اللَّوْحِ بِالْبُزَاقِ، وَإِنَّمَا يُغْسَلُ بِالْمَاءِ، وَمِنْ حُرْمَتِهِ إذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ أَنْ لَا يُصَبَّ فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ، وَلَا فِي مَوْضِعٍ يُوطَأُ، فَإِنَّ لِتِلْكَ الْغُسَالَةِ حُرْمَةً، وَكَانَ السَّلَفُ يَسْتَشْفُونَ بِهَا".[٥]


  • ما نقله ابن مفلح الحنبلي عن الخلال

نقل ابن مفلح عن الخلال أنّه قال: "إنَّمَا كُرِهَ الْغُسْلُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَاءَ الْغُسْلِ يَجْرِي فِي الْبَلَالِيعِ وَالْحُشُوشِ، فَوَجَبَ أَنْ يُنَزَّهَ مَاءُ الْقُرْآنِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يُكْرَهُ شُرْبُهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِشْفَاءِ".[٦]


القول الثاني: الجواز

ذهب العديد من العلماء إلى جواز الاغتسال بالماء المقروء عليه في الحمّامات، فوصف الماء بأنّه مرقيٌّ ومقروءٌ عليه هو في النهاية وصفٌ معنويٌّ لا حِسِّيّ، ومما جاء في ذلك:[٧]

  • فتوى الشيخ ابن باز

سُئل الشيخ ابن باز عن الاغتسال بالماء المقروء عليه في بيت الخلاء، فأجاب: "نعم، الاغتسال بالماء المقروء في الحمام ليس فيه بأس".


  • بعض دور الإفتاء المعاصرة

جاء في فتاوى دائرة الإفتاء السعودية بعد أن سُئل العديد من أهل العلم عن حكم دهن الجسم بالزيت المقروء عليه ثمّ دخول بيت الخلاء بعد ذلك، فأجابوا: "نعم، يجوز للإنسان أن يدهن بزيت الزيتون المقروء عليه القرآن، ولا بأس أن يدخل الحمام بعد ذلك".


ويرى بعض أهل العلم أن الأمر فيه سعة، ومَن أراد أن يحتاط ويغتسل في مكانٍ طاهرٍ عملاً بالقول الأول فهو أفضل وأوْلى، ولكن تزول الكراهة إذا وُجِد في الاغتسال بمكانٍ طاهرٍ مشقَّةٌ أو حرجٌ، أو إذا دعت الحاجة للاغتسال به في بيت الخلاء،[٧] على اعتبار أنّ هذا الماء لا يُعتبر قرآناً مكتوباً، وإنما هو وصفٌ معنويٌّ.

المراجع

  1. "حكم صب الماء المقروء فيه القرآن مع مجرى النجاسات"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 7/5/2023. بتصرّف.
  2. "يجب صيانة ما قرئ عليه القرآن من أماكن القاذورات"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 7/5/2023. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 578، جزء 2. بتصرّف.
  4. "حكم صب ماء الرقية في الحمام"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 7/5/2023. بتصرّف.
  5. محمد عليش، فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك، صفحة 361، جزء 2.
  6. شمس الدين ابن مفلح، الآداب الشرعية والمنح المرعية، صفحة 456، جزء 2.
  7. ^ أ ب "غسل الجسم من الزيت المقروء عليه في الحمام"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 7/5/2023. بتصرّف.