ما حكم تشغيل الرقية الشرعية بالبيت؟

الأصل شرعاً أن يتولّى المرء الرقية الشرعية بنفسه؛ اقتداءً بالنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- وصحابته -رضوان الله عليهم-، ولأنّ ذلك أدعى للنفع، لكنّ تشغيل الرقية بالبيت جائزٌ ويحصل به النّفع بإذن الله، وقد جرّب ذلك العديد من النّاس وانتفعوا، وأفتى الإمام ابن باز -رحمه الله- بأنّ تشغيل سورة البقرة في البيت يحصل بها طرد الشيطان.[١]


وذكر بعض أهل العلم أنّ السحر والحسد والمرض ونحوه من الضرّ يقع على الإنسان، فلا يجوز الاعتقاد بأنّ القرآن رقية للبيت، وقراءة القرآن على الجدران والحائط ليست رقية شرعية، ولم يُؤثر ذلك عن أحد، وفي هذه الحالة تكون القراءة على المرء نفسه، ويجوز له أن يسمع الرقية حتى ينتفع، أمّا إذا كان السحر في البيت فيجوز القراءة فيه، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ).[٢][٣]


والأفضل أن يقرأ المسلم الرقية بنفسه، أو يقرؤها عليه غيره، إذْ أفتى العديد من أهل العلم أنّ سماع الرقية من المسجّل والأشرطة ليس من باب طلب الرقية، لِذا فالأفضل هو الجمع بين الطريقتين، فلجوء المسلم إلى ربّه بالدّعاء والتضرّع بين يديه وقراءته للرقية بنفسه له أثرٌ عظيم لا يحصل بمجرّد تشغيل الرقية.[١]


ولكن يجدر بالذّكر إلى أهمية احترام القرآن الكريم عند تشغيله في البيت، فإن كان حوله لغط وكلامٌ كثيرٌ بغير حاجة فالأوْلى عدم تشغيله؛ لأنّ في ذلك امتهاناً للقرآن الكريم، أمّا إذا لم يكن حوله لغط وكلام، أو كان المرء يستمع ويُنصت إليه، أو فَتَحه وهو نائمٌ، فكلّ ذلك لا بأس به إن شاء الله.[٤]


الحكمة من أفضلية الرقية المباشرة

لا حرج كما أشرنا سابقاً بسماع الرقية الشرعية من خلال الأشرطة والمسجّلات ونحوها، لكنّ هذا الأمر لا يُغني عن استعمال الرقية المباشرة، والحكمة من ذلك هي أنّ المرء أكثر إحساساً بحاجته وشكواه، وهذا يجعل توكّله على الله -تعالى- أعظم، وبالتالي يكون نفع الرقية وأثرها أكبر، وهذا لا يتأتّى بالاكتفاء بتشغيل وسماع الرقية الشرعية.[٥]


كما أنّ السُّنة بعد قراءة المسلم للرقية الشرعية أن ينفث على نفسه أو على غيره إن كان يقرأ على أحدٍ آخر، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يفعلون ذلك، وهذا أيضاً غير موجود في سماع الرقية وتشغيلها عبر المسجّل ونحوه.[٦]


وقد جاء في فتاوى بعض العلماء قولهم: "إن مباشرة الراقي رقية المصاب أمر ضروري للحاجة للنفث على المرقي، ولا يغني سماع الشريط، إلا أن هذا لا يمنع أن تحصل الاستفادة نسبياً من سماع الرقية عن بعد".[٧]


كيف يكون تحصين البيت؟

يكون تحصين البيت من خلال محافظة أفراده على الأذكار، وتحصين أنفسهم، ومحافظتهم على الفرائض والأعمال الصالحة، ويُمكن للمربّي أن يوصل فضل الأذكار لأفراد أسرته ويحثّهم على التزام قراءتها؛ كبيان فضل قراءة سورة الإخلاص والمعوّذتين، وآية الكرسي، وأوراد الصباح والمساء.[٨]


كما أنّ قراءة سورة البقرة في البيت من أعظم ما يُحصّنه بإذن الله، فقد أخبر النبيّ الكريم أنّ السحرة لا يقدرون عليها، فقال: (اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ)،[٩] وأخبر أنّها سببٌ لطرد الشيطان من البيت كما في الحديث النبوي الأول.[٨]

المراجع

  1. ^ أ ب محمد صالح المنجد، الإسلام سؤال وجواب، صفحة 8398، جزء 5. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:780، صحيح.
  3. "ما هو حكم تشغيل المسجل في غرفة لطرد الجن؟"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 11/7/2023. بتصرّف.
  4. "حكم تشغيل المسجل بالقرآن والخروج من المنزل"، الموقع الرسمي للشيخ ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 11/7/2023. بتصرّف.
  5. "هل تتحقق الرقية بالأشرطة المسجلة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 11/7/2023. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 3392، جزء 1. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 3392، جزء 1.
  8. ^ أ ب "ما هي الطريقة الصحيحة لتحصين البيت والأهل؟"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 11/7/2023. بتصرّف.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:804، صحيح.