تنبيهات مهمّة تتعلّق بسبب الخوف عند سماع الرقية

قبل الحديث عن أسباب الخوف عند سماع الرقية الشرعية لا بدّ من الإشارة إلى أنّ سبب بعض العلامات والأعراض التي تظهر على المريض عند الرقية يبقى أمراً ظنِّياً محتملاً لا يُمكن الجزم به، فهناك احتمالات كثيرة للخوف عند سماع الرقية -سيأتي بيانها-، فبعضها يحتاج للعلاج بالرقية، وبعضها الآخر يحتاج إلى التوعية أو العلاج عند الطبيب المختصّ.[١]


ولا يصحّ ربط الخوف دائماً بوجود السحر والعين والحسد ونحوها، فربّما كان ذلك حقاً، وربما كان لسببٍ آخر، فعلى المرء أن يأخذ بالأسباب، ويتوكّل على الله -سبحانه-، ويوقن أنّه لن يضرّه شيء إلا بأمر الله، ويجمع بين العلاج بالرقية الشرعية والتداوي إن احتاج الأمر إلى ذلك، وسيتمّ فيما يأتي بيان الأسباب المحتملة للخوف عند سماع الرقية الشرعية.[٢]


أسباب الخوف المحتملة عند سماع الرقية الشرعية

تتعدّد أسباب الخوف عند سماع الرقية الشرعية، فبعضها يرتبط بالتصوّرات الخاطئة عن الرقية الشرعية، وقد يرتبط بعضها بوجود عينٍ أو حسدٍ ونحوه، وربما كان من أسبابه أيضاً مرضٌ يحتاج لعلاج، ونقسّم هذه الأسباب إلى ما يأتي، مع التأكيد على أنّ هذه الأسباب تبقى ظنّية محتملة:


ارتباط الخوف عند سماع الرقية بالحسد أو السحر

ذكرنا فيما سبق أنّ الإصابة بالعين والحسد ونحوها من الأمور قد يكون سبباً من الأسباب للخوف عند سماع الرقية الشرعية، وقد أشار إلى ذلك بعض الرقاة المختصّين بالعلاج بالرقية،[٣] خاصة إذا اقترن ذلك تحديداً بسماع الرقية أو آياتٍ معينة، أو كان خوفاً غير طبيعيّ، أو رافقه أفعال غريبة وضجر شديد عند سماع بعض الأدعية والآيات القرآنية الكريمة.


وربّما كان الخوف عند سماع هذه الآيات والأذكار من الشيطان حتى يصدّ المسلم عن ذكر الله -سبحانه-، فقد قال الله -سبحانه-: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)،[٤] ولكن على المرء أن يعلم أنّ كيد الشيطان ضعيف، ويُتابع العلاج بالرقية الشرعية، فيرقي نفسه باستمرار، فإن لم يستطع يرقيه غيره من أهل الصلاح الثقات.[٥]


ارتباط الخوف عند سماع الرقية بالتصوّرات الخاطئة

قد يكون الخوف عند سماع الرقية بسبب التصوّرات الخاطئة في أذهان العديد من الناس عن العلاج بالرقية الشرعية، وحينها يحتاج الأمر لتصحيح المفاهيم والتوعية بأهمية التحصين والرقية الشرعية في تحصين المسلم وطمأنته لا العكس، ومن الأمثلة على هذه الأسباب ما يأتي:

  • الجهل

يعتقد بعض النّاس أنّ الرقية الشرعية تشتمل على أفعالٍ غير مألوفةٍ أو مجهولة، ولكنّها في الحقيقة مجموعة من الآيات والأدعية والأذكار المأثورة التي يقرؤها المسلم حتى يُحصّن نفسه، أمّا ارتباطها بطقوسٍ معيّنة أو الظلام والشموع ونحوها من الأمور فكلّ ذلك مخالف للشريعة الإسلامية.


  • التأثيرات الاجتماعية

قد يُروّج في أوساط النّاس أنّ الرقية تشتمل على استخدام القِوى الخارقة أو الجنّ أو نحوها من الأفكار السلبية التي تدعو إلى الخوف والقلق، فإذا علم المرء ضوابط الرقية الشرعية وشروطها أزال عن فكره ونفسه كلّ هذه الأوهام والتصوّرات الخاطئة التي يدّعيها النّاس ويُلصقونها بالرقية الشرعية.


  • التطبيق الخاطئ أو التجارب السابقة

ربّما كان الخوف عند سماع الرقية بسبب التطبيق الخاطئ ممّن يدّعي العلاج بالرقية أو يزعم أنّه راقٍ، ثمّ يُرافق علاجه للنّاس العديد من الأخطاء والمخالفات الشرعية التي لا تمتّ للرقية الشرعية وضوابطها بصلة، فعلى المرء أن يكون حذراً عند العزم على الاستعانة بأحدٍ لا يعرفه، فيتأكّد من صلاحه واستقامته وقربه من الله -سبحانه-.


ويجدر بالذّكر إلى أنّ رقية المرء لنفسه أفضل من الاستعانة بغيره، فمَن يحتاج للرقية هو الأعلم بحاله وحاجته، وهذا أدعى للنّفع والاستجابة للعلاج؛ لأنّ فيه إظهاراً للشكوى والضراعة إلى الله -تعالى- من المحتاج للرقية نفسه، فيكون متوكِّلاً على الله -تعالى-، ولأنّ آيات وأوراد الرقية الشرعية متوفِّرةً بين يدي الجميع، ولا مشقّة في الوصول إليها.


وقد لا يتمكّن المرء من رقية نفسه، فيُشرع له أن يستعين بغيره لرقيته، على أنْ يكون الراقي معروفاً بالصلاح وموثوقاً بين النّاس.


ارتباط الخوف عند سماع الرقية بمرضٍ نفسي

قد يكون الخوف عند سماع الرقية الشرعية بسبب مرضٍ ما، فبعض الأشخاص يخاف من المجهول جداً، أو يتخيّل أوهاماً وهواجس كثيرة تؤثّر عليه، ويعتقد أنّها حقيقة، وربّما رافقه ذلك الخوف من الصّغر بسبب صدمةٍ تعرّض لها في إحدى مراحل حياته، وعندئذٍ يحتاج هذا الأمر إلى التوعية، أو العلاج بالذهاب إلى الطبيب المختص.[٣]


نصائح للتخلص من الخوف عند الرقية الشرعية

مهما كانت أسباب الخوف من الرقية أو عند سماعها فإنّه من المهم أن يتم تعزيز التوعية والتثقيف حول الرقية وأهميتها في علاج بعض الأمراض والمشاكل الروحية والنفسية، وقد ذكرنا سابقاً عدّة نصائح مع ذكر كلّ سببٍ من الأسباب المحتملة، ونذكر بعض النصائح الأخرى المفيدة فيما يأتي:


  • الاستعاذة بالله من الشيطان، والقناعة بأن العديد منها قد يكون بسبب وساوسه، ولكنّ كيده ضعيف على المؤمنين المتوكّلين على خالقهم، قال -تعالى-: (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).[٦]


  • رقية المسلم لنفسه بنفسه، وعدم الاسترسال مع المخاوف أو الاستمرار بالتفكير بها.


  • المحافظة على أذكار المسلم اليومية، وأهمّها: أذكار الصباح والمساء، وأذكار ما قبل النوم، والأذكار المتعلقة بدخول المنزل والخروج منه، والطعام، ودخول الخلاء، ونحوها من الأذكار اليومية.[٧]


  • اللجوء إلى الله -تعالى- بالدعاء، والاستعانة به بالصلاة، فهي سببٌ للطمأنينة والسكينة، وعدم الاستسلام للخوف، واللجوء إلى الطبيب المختص عند الحاجة إلى ذلك.

المراجع

  1. محمد المنجد، الإسلام سؤال وجواب، صفحة 531، جزء 1. بتصرّف.
  2. خالد الجريسي، ارق نفسك وأهلك بنفسك، صفحة 191. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "علاج الخوف بأنواعه"، الله الشافي، اطّلع عليه بتاريخ 10/8/2023. بتصرّف.
  4. سورة آل عمران، آية:175
  5. "يشعر بالخوف الشديد والوساوس ويشعر بتنميل في جسمه فما هو العلاج؟"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 10/8/2023. بتصرّف.
  6. سورة المجادلة، آية:10
  7. "هل أعاني من الحسد أو من المس؟!"، إمام المسجد، اطّلع عليه بتاريخ 10/8/2023. بتصرّف.