تنبيهات هامة بخصوص دلالة برود الرجلين أثناء الرقية
يتساءل بعض النّاس عن دلالة برود الرّجلين أثناء الرّقية الشّرعية، ويحتاج الأمر إلى بيان عدد من الحقائق بخصوص الأعراض التي قد تظهر على المصاب أثناء الرقية، ولعلّ أهمّها ما يأتي:[١]
- لا بدّ من التنبيه إلى أنّ الأعراض التي تظهر على المُصاب أثناء الرقية بسبب حسدٍ أو سحرٍ -إن ثبت ذلك- متشابهة ومتداخلة إلى حدٍّ كبير، وبناءً على ذلك يصعب تمييز سبب ظهورها إنْ كان نتيجة سحرٍ أم حسدٍ أم مسٍّ ونحوه.
- لا يُشترط أن تكون هذه الأعراض مرتبطةً بحسدٍ أو سحرٍ أو مسٍّ، بل ربّما كانت بسبب مرضٍ عضويٍّ أو نفسيٍّ يحتاج إلى العلاج والتداوي عند أهل الاختصاص.
- لا يُشترط أن تظهر أعراضٌ غريبةٌ على المُسترقي أثناء الرقية؛ على اعتبار أنّ الرقية مشروعةٌ لضررٍ واقعٍ أو محتملٍ أو للتحصين عامَّةً.
دلالة برود الرجلين أثناء الرقية
استناداً إلى ما سبق بيانه بخصوص الأعراض التي قد تظهر على المصاب أثناء الرّقية؛ فإنّه لا يمكن الجزم بدلالة برودة الرجلين أثناء الرقية، وذلك لاحتمالية أن يكون هذا العَرض بسبب عين أو حسد أو سحر، علماً أنّ بعض المشتغلين في الرقية أشاروا إلى أنّ من الأعراض التي يُمكن أن تظهر على المصاب أثناء الرقية: الشعور ببرودةٍ شديدةٍ في الرجلين والأطراف عموماً.[٢]
ولا يُستبعد أنْ يكون هذا العَرَض لأمرٍ آخر خارج عن احتمالية إصابة المرقِيّ بعينٍ أو حسدٍ أو سحرٍ؛ وربما كان ترجيح هذا الأمر صعباً عند بعض النّاس؛ حيث إنّ التّوقع يشوّه الإدراك؛ فمَن غلَّبَ جانب الإصابة بحسدٍ أو سحرٍ متعلِّقاً بأسبابٍ واهية أو ظنونٍ ليس لها ما يسندها ليس من السّهل إقناعه بما سواها من الأسباب.
ورغم ذلك فإنّ التحقيق العلمي المحايد للمسألة يُشير إلى أنّ التوتر والضغط النفسي من الأسباب التي تؤدي للإحساس ببرودة الرّجلين أو الأطراف عموماً،[٣] وهو سببٌ محتمل ومعقول؛ حيث إنّ كثيراً ممّن تُقرأ عليهم الرّقية تُسيطر عليهم مخاوف كثيرة وهواجس مختلفة، وكلّها مرتبطةٌ بما عَلَقَ في أذهان النّاس من ارتباط الرّقية بإصابة عينٍ أو أذى سحر.
ومن الأسباب التي تجعل هذا الاحتمال منطقياً تلك الهالة التي يُحاط بها المُستَرْقي، سواء من الأهل أو من بعض الرّقاة -غير الملتزمين بالأصول الشرعية للرّقية-؛ فيدخل المسترقي في حالةٍ من التّرقب والتّوتّر والخوف.
وتفصيلاً للأمر فإنّ الأطباء يؤكّدون أنّ التّوتر والخوف يعمل على إفراز مادة الأدرينالين في مجرى الدم، وهو ما يؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية ويتسبّب في إضعاف وصول الدم إلى الأطراف، ويتسبب -بالتالي- في برودتها،[٣] وفي الحياة الواقعية ما يؤكّد الشعور بذلك عند الخوف والتوتّر.
وهذه دعوة لتخليص الفِكر من سيطرة الأوهام التي جعلت العديد من الناس يربطون كلّ إشكال أو عارض في حياتهم بالحسد أو السّحر دون التفاتٍ للأسباب العلميّة والواقعية الأخرى، وهذه الدّعوة لا يُقصد منها نفْي الإصابة بالحسد أو السِّحر، فهما أمران ثابتان في الشَّرع، وخيْرُ ما ينفع المسلم أن يجمع بين الأخذ بأسباب التداوي والشفاء، والتحصين بالأدعية المأثورة والمشروعة.
المراجع
- ↑ خالد الجريسي، ارق نفسك وأهلك بنفسك، صفحة 191. بتصرّف.
- ↑ "من أعراض العين والحسد"، الله الشافي، اطّلع عليه بتاريخ 19/2/2023. بتصرّف.
- ^ أ ب "أسباب برودة الأطراف في الصيف"، ويب طيب، اطّلع عليه بتاريخ 19/2/2023. بتصرّف.