إن الرقية الشرعية من الأمور المشروعة في الإسلام؛ حيث أباحها الله -عزّ وجلّ- لتكون وسيلة للتداوي والعلاج من الأمراض، خاصة الأمراض الروحية المتمثلة بالسحر والعين والحسد، ونحوه، إذ إن الرقية تتضمن آيات القرآن الكريم الذي أنزله الله -تعالى- شفاء ورحمة للناس، فقال في شأنه: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا)،[١] كما أنها تتضمن مجموعة من الأدعية والأذكار النبوية التي فيها حفظُ ووقايةٌ، فالرقية سنة مأثورة جعلها الله -تعالى- سبباً من أسباب الشفاء بإذنه، فيندب للمسلم فعلها، حيث ثبت في حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرها أن تسترقي من العين، وتطلب من أحد أن يرقيها، فقالت: (أَمَرَنِي رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -أوْ أمَرَ- أنْ يُسْتَرْقَى مِنَ العَيْنِ)،[٢] فهذا مما يدلل على أهميتها في الشفاء، وآتياً بيان أهم الأمور المتعلقة بالاستماع إلى الرقية الشرعية دون قراءتها، وأبرز المسائل المتصلة بذلك.


هل يكفي الاستماع إلى الرقية الشرعية؟

نصّ أهل العلم على جواز الاستماع إلى الرقية الشرعية مسجلّة دون قراءتها، وأنه لا حرج في ذلك، حيث يعود على من يسمعها النفع والفائدة بإذن الله، إلا أنهم قالوا أن الأكمل والأفضل أن يقرأها المسلم بنفسه أو يطلب من أحد أن يرقيه فيقرأها عليه، حيث إن تأثير الرقية عند قراءتها أقوى وأنفع من الاستماع إليها فقط، كما أن صلاح الراقي وتقواه له علاقة في تأثير الرقية على المريض، فبقدر صلاحه يكون تأثير الرقية أقوى في الشفاء، وبالتالي فإنه يرجى تحقيق النفع والفائدة عند الاستماع للرقية، إلا أنه لا يكفي ولا يغني عن قراءتها.[٣]


ما الفرق بين سماع الرقية مسجلة وبين سماعها من شخص يقرؤها؟

إن أهم ما يميّز سماع الرقية من شخص عن سماعها مسجلة، أنه عندما يطلب المريض من أحد آخر أن يرقيه، بحيث يكون هذا الشخص على معرفة بالرقية وكيفيتها، وعلى قدرٍ من الصلاح والتقوى، فإن المريض يتأثر بحال الراقي من تدبّره وخشوعه في قراءته، واجتهاده وصدقه في شفائه، فيوجّه قلبه إلى الآيات والأحاديث التي يقرأها الراقي، فيكون تأثير الرقية أقوى وأبلغ في الشفاء، أما الاستماع إليها مسجلة عن طريق الهاتف أو الراديو، فإن المريض في هذه الحالة يكون أقل اهتماماً وتركيزاً لِما يُقرأ، فيكون تأثير الرقية أقل، وعلى كل حال فإنه على المسلم أن يتقيّن أنّ الشفاء بيد الله وحده، ويصدّق أنه الشافي -سبحانه-، وأن الرقية هي من باب الأخذ بالأسباب، فإن الإيمان واليقين بذلك هو الأساس في الشفاء.[٤]


هل يجوز الاستماع إلى الرقية دون طهارة؟

لا تعد الطهارة من الحدثين شرطاً من شروط الاستماع إلى الرقية، ولا حتى من شروط قراءتها، إذ إن الطهارة أدب من الآداب التي يستحب الالتزام بها عند قراءة الرقية أو الاستماع إليها، وعليهِ فيصحّ ويُشرع الاستماع إلى الرقية من غير طهارة، إلا أن الأفضل أن يكون المسلم طاهراً عند الاستماع إليها أو قراءتها.[٥]


ما هو أفضل وقتٍ للاستماع إلى الرقية؟

يجوز للمسلم أن يستمع إلى الرقية الشرعية في أي وقت من الأوقات، فلم يرد وقت معين للاستماع إليها أو لقراءتها، إلا أنه يستحسن أن يكون سماعها أو قراءتها في الأوقات التي جاء بشأنها أنها أوقات يرجى فيها إجابة الدعاء؛ كجوف الليل، كما ويفضّل سماعها في الصباح والمساء، لِما ورد في فضل قراءة الأذكار في هذين الوقتين، وكذا يستحب أن تُسمع أو تُقرأ قبل النوم.[٦][٧]



مواضيع أخرى:

هل الاستماع للرقية الشرعية يشفي؟

هل تشترط الطهارة في الرقية الشرعية؟


المراجع

  1. سورة الإسراء، آية:82
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5738، حديث صحيح.
  3. "مدى فاعلية الرقية الشرعية في علاج الأمراض"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 19/10/2022. بتصرّف.
  4. "أريد كل المعلومات عن الرقية الشرعية المسموعة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 31/10/2022. بتصرّف.
  5. خالد الجريسي، الرقية الشرعية، صفحة 6. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 3528. بتصرّف.
  7. "هل هناك وقت معين للرقية ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 31/10/2022. بتصرّف.