مشروعية الرقية بسورة الفلق



بسم الله الرحمن الرحيم: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ* وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ* وَمِنْ شَرِّ النَفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ* وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ). [الفلق:1-5]




يُشرع للمسلم أن يرقي نفسه بسورة الفلق، كما أنّ أهل العلم والرقاة يذكرون سورة الفلق دائماً ضمن آيات الرقية الشرعية، وقد ثبت في هذه السورة الكريمة العديد من الفضائل، فضلاً عن أنّ القرآن الكريم كله شفاءٌ وخير، ويُستشفى بجميع آياته، وصدق الله -تعالى- إذ يقول: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ...)، [الإسراء:82] ويقول -سبحانه-: (... قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ...). [فُصّلت:44][١]


وقد كان النبي الكريم يرقي نفسه بهذه السورة مع سورة الإخلاص والنّاس، ويحثّ أصحابه على فعل ذلك، لِذا فإن التحصين بها من السنّة، والمتأمّل في معاني هذه السورة يجد فيها ما يدلّ على فضلها في الرقية والاستشفاء ودفع الضرّ والأذى عن المسلم، فهي تتضمّن الاستعاذة من كلّ سوء، والهدف منها هو تعليم النبي -عليه الصلاة والسلام- لأمّته أدعية الاستعاذة، ومما تضمّنته هذه السورة:[٢]


  • الاستعاذة من شرّ المخلوقات.
  • الاستعاذة من الأوقات التي يكثر فيها حدوث الشر.
  • الاستعاذة من شرّ أفعال النّاس لغيرهم من الأذى والسحر.


الأدلة على فضل التحصين بسورة الفلق

ذُكرت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة في أهمية وفضل التحصين والتعوّذ بسورة الفلق مع أخواتها، فالأكمل للمسلم أن لا يكتفي بقراءة سورة الفلق في الرقية والتحصين، بل يجمع معها سورة الإخلاص والناس، حتى يقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ويتحصّل على النّفع والفضل كاملاً بإذن الله.


ونذكر ما جاء عن النبيّ في التحصين بهذه السور وأهميّته وكيفيّته في المباحث الآتية:


ما جاء في التحصين بالإخلاص والفلق والناس

  • أهمية هذه السور في التحصين من الحسد والعين والجن

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يتعوَّذُ منَ الجانِّ وعينِ الإنسانِ حتَّى نزَلتِ المعوِّذتانِ، فلمَّا نزلَتا أخذَ بِهِما، وترَكَ ما سواهما).[٣]


  • كيفية الرقية بسورة الإخلاص والمعوّذتين

كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقرأ هذه السور ثلاث مراتٍ بكيفيةٍ معيَّنةٍ قبل نومه، فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما، فَقَرَأَ فِيهِما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ).[٤]


  • فضل التحصّن بهذه السور وحثّ النبيّ على ذلك

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لابن عابس الجهني -رضي الله عنه-: (يا ابنَ عابسٍ، أَلَا أُخْبِرُكَ بأَفْضَلِ ما تَعَوَّذَ به المُتَعَوِّذُونَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ هاتَيْنِ السورَتَيْنِ)،[٥] وقال -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن خبيب -رضي الله عنه-: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ والمعوِّذتينِ حينَ تُمسي وحينَ تُصبِحُ ثلاثًا يَكفيكَ كلَّ شيءٍ).[٦]


ما صحّ في فضل سورة الفلق عموما

صحّ في فضل سورة الفلق أكثر من حديثٍ نبويّ، وهذا كلّه مع الأدلّة السابقة يدلّ على أنّ التحصين بها مع أخواتها أدعى للنفع إذا أخلص المسلم نيّته لله -تعالى-، ونذكر ما صحّ في فضلها عموماً ما يأتي:


  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعقبة بن عامر -رضي الله عنه-: (أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ؟! {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، وَ{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}).[٧]
  • قال -عليه الصلاة والسلام- لعقبة -رضي الله عنه-: (لَن تقرأَ شيئًا أبلغَ عندَ اللهِ من قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ).[٨]

المراجع

  1. خالد الجريسي، التحصين من كيد الشياطين، صفحة 275. بتصرّف.
  2. "قل أعوذ برب الفلق .. سورة الفلق"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 4/4/2023. بتصرّف.
  3. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2058، صححه الألباني.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5017، صحيح.
  5. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن ابن عابس الجهني، الصفحة أو الرقم:5432، صححه النسائي.
  6. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن عبد الله بن خبيب، الصفحة أو الرقم:5443، حسنه الألباني.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:814، صحيح.
  8. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:952، صححه الألباني.