هل الرقية الشرعية تضر المرأة الحامل؟

إنّ الرقية الشرعية خير علاجٍ وتحصينٍ للمسلم، فهي تشتمل على آيات كتاب الله -تعالى-، ومعلومٌ أنّ القرآن الكريم خيرٌ كلّه، لقول الله -تعالى-: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ)، [الإسراء:82] فهل بعد قول الله -تبارك وتعالى- شكٌّ في ذلك؟! وبالإضافة إلى الآيات فالرقية تتضمّن أيضاً أدعيةً مأثورةً كان خير الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم- يدعو بها ويرقي بها غيره.


ويتبيّن من ذلك أنّ الرقية الشرعية لا تضرّ الحامل، بل تنفعها بإذن الله وتنفع جنينها، وتدفع السّوء والأذى عن المسلم عموماً، وتُحصّنه بإذن الله، أمّا ما يُنقِل من الخوف من سقوط الجنين فهذا لا علاقة له بالرّقية، بل إنّ هذه الأمور لا تحصل إلا بقضاء الله وقدره،[١] لِذا لا ينبغي للمسلم أن يعتقد في قراءة بعض الآيات والأدعية ضرراً، لأنّ في ذلك مخالفة لقول الله -تعالى-: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ). [فُصّلت:44]


ولا يُنكَر أنّ في قراءة بعض السور تيسيراً لولادة الحامل، مثل سورة الزلزلة إذا ثبت ذلك بالتجربة، ولكن ذلك لا يستلزم العكس، أي لا يستلزم من قراءتها للحامل في الأشهر الأولى سقوط الجنين، فمُحالٌ أن يكون في كلام الله ضرٌ أو أذى، وقد قال بعض أهل العلم: "لا يُعرف في كتب الفقهاء والعلماء ولا في آثار السلف الصالحين من كان يُحذِّر المرأة الحامل من قراءة سورة الزلزلة".[٢]


هل يتأثر الجنين بالسّحر في بطن أمّه

بعد الاطّلاع على أقوال أهل العلم وما كتبه المختصّون والرّقاة في مسألة تأثير السحر على الجنين قالوا: إنّ السحر إذا قُصدت به الأمّ وقضى الله وقوعه؛ كان مختصاً بها وحدها، ولا ينتقل تأثيره إلى جنينها، ولا يوجد ما يُسمّى بالسحر الوراثي كما يدّعي بعض الناس.[٣]


أمّا إن قُصِد بالسّحر الجنين أو الأمّ وجنينها وقضى الله أن يقع ذلك فحينها يكون له تأثير على الجنين، ويؤيّد هذا الكلام أنّ اليهود سحروا المسلمين في المدينة حتى لا يتناسلوا، فلمّا وُلِد عبد الله بن الزبير فرحوا فرحاً شديداً.[٣]


حيث أخرج الإمام البخاري عن أسماء بنت أبي بكرٍ -رضي الله عنها-: (أنَّهَا حَمَلَتْ بعَبْدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَيْرِ بمَكَّةَ، قالَتْ: فَخَرَجْتُ وأَنَا مُتِمٌّ، فأتَيْتُ المَدِينَةَ فَنَزَلْتُ قُبَاءً، فَوَلَدْتُ بقُبَاءٍ، ثُمَّ أتَيْتُ به رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَوَضَعْتُهُ في حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ في فِيهِ، فَكانَ أوَّلَ شيءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ حَنَّكَهُ بالتَّمْرَةِ، ثُمَّ دَعَا له فَبَرَّكَ عليه وكانَ أوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ في الإسْلَامِ، فَفَرِحُوا به فَرَحًا شَدِيدًا، لأنَّهُمْ قيلَ لهمْ: إنَّ اليَهُودَ قدْ سَحَرَتْكُمْ فلا يُولَدُ لَكُمْ).[٤]


وفي هذه الحالة يسعى المؤمن بعلاج نفسه وعلاج الجنين بالرقية الشرعية والتعوّذات الثابتة شرعاً، وقراءة القرآن، واللجوء إلى الله -تعالى- بالدعاء الصادق، والتقرّب إليه بالطّاعة، واجتناب ما نهى الله -تعالى- عنه، وكثرة ذكره -سبحانه-، فكلّ ذلك حريٌّ بأن يُحصّن المسلم من الأذى والضرّ بإذن الله.

المراجع

  1. "الرقية الشرعية تنفع ولا تضر"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 5/2/2023. بتصرّف.
  2. "هل يسقط الجنين من بطن الحامل إذا قرأت سورة الزلزلة ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 5/2/2023. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "هل يتأثر الجنين بالسحر المعمول لأمِّه وهو في بطنها؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 5/2/2023. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أسماء بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم:5469، صحيح.