حكم تكرار الرقية الشرعية

يجوز تكرار الرقية الشرعية ولا حرج في ذلك، سواءً كان ذلك بتكرار العلاج بها أو بتكرار قراءتها، بل يرى أهل العلم أنّ الأوْلى هو تكرار الرقية حتى حصول الشّفاء بإذن الله، لأنّ الرقية دعاء، ويُستحبّ في الدعاء الإلحاح حتى حصول المقصود، ولا يوجد حدٌّ معيّن في ذلك.[١]


وذكر بعض أهل الاختصاص في كتب الرقية الشرعية مشروعية تكرار الراقي لآيات الرقية التي شعر أنّ المريض قد تأثّر بها، فحينها الأفضل أن يكرّرها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو غير ذلك بحسب استجابة المريض وحاجته وتأثّره، ومن أقوال أهل العلم في مشروعية تكرار الرقية ما يأتي:[٢]


  • قال خالد الجريسي: "إنْ لاحظ الراقي تأثر المريض ببعض الآيات في أثناء الرقية، فلا بأس بتكرارها ثلاثاً، أو خمسًا، أو سبع مرارٍ، حَسَب الحاجة وملاحظة درجة الاستجابة".


  • قال أيضاً: "إذا جزم الراقي بأن المرقيَّ يعاني من سحر -والعياذ بالله- فإنه من المهم للغاية أن يركِّز في رقيته على الآيات التي ذُكر فيها السحر، مع تكرار قراءتها على المسحور، وبخاصة المعوِّذتين، ففي ذلك تأثير بالغ على فكِّ السحر، ودفع الأذى، بإذن الله".


  • سُئل الشيخ عبد الله بن جبرين عن تكرار الرقية فقال: "أرى أنّه لا مانع من التّكرار سواء بعدد أو بدون إحصاء؛ وذلك لأنّ القرآن شفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين"، ثم قال: "... ويكون ذلك علاجاً نافعاً بإذن الله، مع إخلاص القارئ، ومع استقامة المريض، ومع استحضار معاني الآيات والأدعية التي يقرؤها، ومع صلاح كلٍّ من الراقي والمرقي، والله الشافي".[٣]


ويرى أهل العلم أيضاً أن الرُّقى الشرعية عموماً يُباح فيها فِعل ما ثبت نفعه بالتجربة، ومن ذلك تكرار آياتٍ وسورٍ بعددٍ معيّن، فمن جرّب تكرار آياتٍ أو رُقى معيّنة ووجد في ذلك نفعاً فلا حرج بفعله وتكراره بذلك العدد، بشرط أن لا يعتقد أنّ هذا العدد سنّة ثابتة لا يجوز الزيادة عليها أو النقصان منها.[٤]


وبناءً على ذلك يُشرع للراقي أو مَن يرقي نفسه أن يُكرّر الرقية الشرعية بقدر حاجته وحتى حصول الشفاء بإذن الله، سواء كان ذلك بعددٍ معيَّنٍ وجد فيه النّفع بالتجربة، أو بتكرار الرقية دون إحصاءٍ حتى حصول الانتفاع، فباب الرقى واسع، وقد ثبت عن عوف الأشجعي -رضي الله عنه- أنّ قال: (كُنَّا نَرْقِي في الجَاهِلِيَّةِ، فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ تَرَى في ذلكَ؟ فَقالَ: اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لا بَأْسَ بالرُّقَى ما لَمْ يَكُنْ فيه شِرْكٌ).[٥][٤]


آيات وأدعية ثبت فيها التكرار بعدد معيّن

هناك بعض آيات وأدعية التحصين والرقية الشرعية ثبت فيها التكرار بعددٍ معيّن في السنة النبوية الشريفة، فالأفضل أن لا يقتصر المسلم على قراءتها مرة واحدة في الرقية، لأنّ النفع فيها يحصل بتكرارها الوارد عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ومَن كرّر فِعل ذلك أيضاً فلا بأس بناءً على ما تمّ بيانه سابقاً، ومن الآيات والأدعية التي يُسنّ فيها التكرار:


  • الإخلاص والمعوّذتين

يُسنّ للمسلم أن يقرأ الإخلاص والمعوّذتين ثلاث مرات، فعن عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما، فَقَرَأَ فِيهِما: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ).[٦]


  • (أَعُوذُ باللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِن شَرِّ ما أَجِدُ وَأُحَاذِرُ)

يُسنّ وضع اليد على مكان الألم وقول هذا الدعاء سبع مرات، فعن عثمان الثقفي -رضي الله عنه-: (أنَّهُ شَكَا إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَجَعًا يَجِدُهُ في جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ضَعْ يَدَكَ علَى الَّذي تَأَلَّمَ مِن جَسَدِكَ، وَقُلْ: باسْمِ اللهِ، ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ باللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِن شَرِّ ما أَجِدُ وَأُحَاذِرُ).[٧]


  • (بسمِ اللهِ الذي لا يضرُّ مع اسمِه شيءٌ...)

ثبت أنّ هذا الدّعاء يُسنّ تكراره ثلاث مرات، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما من عبدٍ يقولُ في صباحِ كلِّ يومٍ ومساءِ كلِّ ليلةٍ: بسمِ اللهِ الذي لا يضرُّ مع اسمِه شيءٌ، في الأرضِ ولا في السماءِ، وهو السميعُ العليمُ، ثلاثَ مراتٍ فيضرُّه شيٌء).[٨]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 4863، جزء 1. بتصرّف.
  2. خالد الجريسي، الرقية الشرعية، صفحة 6-8. بتصرّف.
  3. "هل تكرار الرقية مائة مرة بدعة؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 20/4/2023. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "حكم تكرار بعض الآيات أو السور بعدد محدد في الرقية"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 20/4/2023. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم:2200، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5017، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن أبي العاص الثقفي، الصفحة أو الرقم:2202، صحيح.
  8. رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:3134، صححه الألباني.