هل تنفع الرقية على الشخص النائم؟

إنّ رقية المريض دون علمِهِ أمرٌ ممكنٌ ولا بأس به، ويكون ذلك من خلال رقيّته بشكلٍ مباشرٍ أثناء نومه،[١] ولعلّ هذه الطريقة تنفع الأطفال كثيراً، فقد لا تستطيع الأم رقية طفلها مباشرة لكثرة حركته أو بكائه عند استيقاظه، وتنفع أيضاً مَن يخشى حصول أعراضٍ شديدة عند سماعه لآيات الرقية.


وعلى الرّاقي حينها أن يستحضر نيّة رقية النّائم ونفعه بما يقرؤه من الآيات والأدعية رجاء أن يشفي الله -سبحانه- أخيه، ورغم إمكانية رقية الشخص النّائم إلا أنّ الأفضل أن يُرقى وهو مستيقظٍ إنْ كان عاقلاً؛ حتى يتدبّر الآيات والأدعية التي يقرؤها الراقي عليه، فهذا أدْعى للنفع.[٢]


وإذا كان المَرقي العاقل مستيقظاً فهذا يدفعه إلى استحضار عظمة الله -تعالى- وقدرته في قلبه، فيخشع عند سماع آياته الكريمة، ويبقى مستعيناً بالله مع تأمّله وتدبّره فيما يُتلى من القرآن ويُذكر من الدّعاء، فيزداد تأثُّراً بالرقية، ويزداد انتفاعاً منها بإذن الله،[٢] ويُنصح المرقي مع ذلك بالمحافظة على أذكاره اليومية باستمرار، وإن استطاع أن يرقي المسلم نفسه ففي ذلك خيرٌ عظيمٌ بإذن الله، لأنّه الأكثر إحساساً بحاجته وشكواه.


هل تنفع الرقية للشخص الغائب؟

السُّنةُ أن يُرقى المريض مباشرةً، وعلى ذلك جرى عمل السّلف الصالح، ولم يثبت في السنّة ما يدلّ على الانتفاع بالرقية للغائب عن بعد، وجاء في فتاوى اللّجنة الدائمة للإفتاء: "الرقية لا بد أن تكون على المريض مباشرة، ولا تكون بواسطة مكبر الصوت، ولا بواسطة الهاتف؛ لأن هذا يخالف ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان في الرقية".[٣]


ولكنّ الغائب ينتفع بالأدعية، ويُستحبّ للمسلم أن يدعو لأخيه المسلم في ظهر الغير، لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّما دَعَا لأَخِيهِ بخَيْرٍ، قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ: آمِينَ وَلَكَ بمِثْلٍ)،[٤] ففي هذه الحالة يُمكن للمسلم أن يدعو للغائب بالشفاء والعافية والخير ونحوه من الأدعية.[٥]


هل يحصل الانتفاع بمجرد سماع الرقية دون قراءتها؟

لا شكّ أنّه في سماع آيات القرآن الكريم والأدعية المأثورة خير وبركة ورحمة، والاكتفاء بسماع الرقية الشرعية يُرجى فيها النّفع بإذن الله، ولكنّ الانتفاع الأعظم لا يكون إلا بقراءتها مباشرة، فهذا هدي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- والسلف الصالح، وهي الطريقة المستحبّة حتى يحصل بها النّفث المسنون أيضاً، ولكن ذلك لا يمنع من الاستفادة النسبية من سماعها.[٦]


وقد قال ابن باز -رحمه الله- عن الانتفاع بتشغيل سورة البقرة عن طريق المسجل: "قراءة سورة البقرة من الراديو يحصل بها طرد الشيطان من البيت"، وقال بعض أهل العلم عن سماع الرقية الشرعية: "سماع الرقية بهذه الطريقة نافع إن شاء الله تعالى، وقد استفاد بها كثيرون، وإن كان الأفضل أن يقرأ الإنسان القرآن بنفسه، أو يقرأ عليه غيره".[٧]

المراجع

  1. "رقية المريض دون علمه أمر ممكن"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 1/2/2023. بتصرّف.
  2. ^ أ ب د. خالد الجريسي، "إرشادات عامة يجب أن تراعى عند الرقية الشرعية"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 1/2/2023. بتصرّف.
  3. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 92، جزء 1.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن صفوان بن عبدالله بن صفوان، الصفحة أو الرقم:2733، صحيح.
  5. "هل يجوز قراءة الرقية على الغائب؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 1/2/2023. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 3392، جزء 1. بتصرّف.
  7. محمد صالح المنجد، الإسلام سؤال وجواب، صفحة 8398، جزء 5.