مشروعية الرقية بالتراب والريق

ثبت في السنة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرقي المريض بالريق والتراب، فعن عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا اشْتَكَى الإنْسَانُ الشَّيْءَ منه، أَوْ كَانَتْ به قَرْحَةٌ، أَوْ جُرْحٌ، قالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بإصْبَعِهِ هَكَذَا، وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بالأرْضِ، ثُمَّ رَفَعَهَا، باسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، برِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى به سَقِيمُنَا، بإذْنِ رَبِّنَا).[١]


وقد أفتى بعض المعاصرين من أهل العلم بجواز الرقية بالتّراب والريق، فقالوا: "... وأكثر العلماء على أن هذه الصفة عامة لكل راق ولكل أرض، وذهب بعضهم إلى أن ذلك مخصوص برسول الله وبأرض المدينة، والصحيح هو الأول لعدم المخصص. والله أعلم".[٢]


ومن خلال البحث والدراسة وجد الكثير من أهل العلم والاختصاص أنّ التراب يتميّز بمجموعةٍ من الخواصّ التي تجعل فيه العديد من الأدواء النافعة في شفاء بعض الأمراض والأسقام بإذن الله، خاصةً وإن اقترن ذلك بالرقية الشرعية كما فعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.[٣]


دليل مشروعية الرقية بالتراب والريق

بالإضافة إلى الحديث المذكور سابقاً فهناك العديد من الأحاديث النبوية الأخرى التي تدلّ على مشروعيّة الرقية بالتراب والريق ونفعها بإذن الله -تعالى-، ومن هذه الروايات ما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يقولُ لِلْمَرِيضِ: باسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أرْضِنَا، برِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بإذْنِ رَبِّنَا).[٤]


حيث كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرقي المريض المُصاب بقرحةٍ أو جرحٍ من خلال جعل ريقه على إصبعه السبّابة، ثمّ وضعه على الأرض، ثمّ يقول: "باسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أرْضِنَا، برِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشفَى سَقيمُنا، بِإِذْنِ ربِّنا"، أي في هذا الإصبع شيءٌ من ريقنا المقترن بذكر اسم الله -تعالى-، فيدعو بشفاء جرح المريض ببعض هذه التربة مع الريق المذكور عليه اسم الله -تعالى-، ثم يضع إصبعه بعد ذلك حول مكان الألم أو الجرح.[٥]


أدلة أخرى على مشروعية الرقية بالريق

يُشرع للمسلم أيضاً أن يرقي نفسه مع النّفث؛ والنّفث هو النّفخ على النّفس أو المريض مع شيءٍ بسيطٍ من الريق قبل قراءة الرقية الشرعية، وطريقة ذلك وما يدلّ عليه بيانه في النصوص الشرعية الآتية:

  • عن عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما، فَقَرَأَ فِيهِما: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)، و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ).[٦]
  • عن عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَنْفُثُ علَى نَفْسِهِ في المَرَضِ الذي مَاتَ فيه بالمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أنْفِثُ عليه بهِنَّ، وأَمْسَحُ بيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا)،[٧] وقد سأل الراوي معمر بن راشد شيخه الزهري عن كيفية نفث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فأجابه أنّه كان ينفث في يديه، ثم يمسح وجهه بهما بعد ذلك.[٨]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2194، صحيح.
  2. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 78، جزء 1. بتصرّف.
  3. د. أروى أحمد، "إعجاز الشّفاء في الريق والتراب"، إعجاز القرآن والسنة، اطّلع عليه بتاريخ 13/3/2023. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5745، صحيح.
  5. "شرح حديث الرقية بالتراب والرّيق"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 13/3/2023. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5017، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5735، صحيح.
  8. "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/4/2023. بتصرّف.