الرقية الواردة عن النبي من القرآن الكريم

ثبت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الرقية بالعديد من السور والآيات القرآنية الكريم، وبيان ذلك فيما يأتي:[١][٢]


الرقية بسورة الفاتحة

ثبت إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرقية بسورة الفاتحة في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، فقد قال: (كُنَّا في مَسِيرٍ لنا فَنَزَلْنا، فَجاءَتْ جارِيَةٌ، فقالَتْ: إنَّ سَيِّدَ الحَيِّ سَلِيمٌ، وإنَّ نَفَرَنا غَيْبٌ، فَهلْ مِنكُم راقٍ؟ فَقامَ معها رَجُلٌ ما كُنَّا نَأْبُنُهُ برُقْيَةٍ، فَرَقاهُ فَبَرَأَ، فأمَرَ له بثَلاثِينَ شاةً، وسَقانا لَبَنًا، فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنا له: أكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً -أوْ كُنْتَ تَرْقِي؟- قالَ: لا، ما رَقَيْتُ إلَّا بأُمِّ الكِتابِ، قُلْنا: لا تُحْدِثُوا شيئًا حتَّى نَأْتِيَ -أوْ نَسْأَلَ- النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا قَدِمْنا المَدِينَةَ ذَكَرْناهُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: وما كانَ يُدْرِيهِ أنَّها رُقْيَةٌ؟ اقْسِمُوا واضْرِبُوا لي بسَهْمٍ).[٣]


الرقية بسورة البقرة

ثبت في فضل سورة البقرة في الرقية والتحصين من الأذى وكيد الشيطان في أكثر من حديث، ومن ذلك:

  • قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ).[٤]
  • قوله -عليه الصلاة والسلام-: (لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ).[٥]


الرقية بآية الكرسي

آية الكرسي من الآيات العظيمة في باب الرقية، وقد حثّ الشرع أيضاً على قراءتها بعد كلّ صلاة، وقد ثبت في فضل الرقية بها من الشيطان والجان أكثر من قصّة، ومن ذلك أنّ أُبيّ بن كعبٍ -رضي الله عنه- كان له مكانٌ يضع فيه الثمار حتى تُجفّف، وعندما وجده ينقص أخذ يحرسه حتى جاءه ذات يومٍ غلام.


وحين سأل أُبيّ الغلام إن كان إنسيَّاً أم جِنِّياً أخبره بأنه من الجنّ، وبالفعل تبيّن له ذلك من خلال عدة علامات، فسأله أُبيّ: "ما يُجيرُنا منكم؟ قالَ: تَقرأُ آيةَ الكُرسيِّ مِن سورةِ البقرةِ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، [البقرة: 255] قالَ: نَعَمْ، قالَ: إذا قرَأْتَها غُدوَةً؛ أُجِرتَ مِنَّا حتَّى تُمسيَ، وإذا قرَأْتَها حينَ تُمسي؛ أُجِرْتَ مِنَّا حتَّى تُصبِحَ"، قال أبيّ: (فغَدَوْتُ إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فأَخبرْتُهُ بذلك، فقالَ: صَدَقَ الخبيثُ).[٦]


الرقية بآخر آيتين من سورة البقرة

ثبت أنّ قراءة آخر آيتين من سورة البقرة في كلّ ليلة تكفي المسلم من السوء والأذى بإذن الله في هذه الليلة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن قَرَأَ بالآيَتَيْنِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ)،[٧] ورجّح العديد من العلماء أن "كفتاه" تعني تقيه من السّوء والضرّ والأذى.[٨]


سورة الإخلاص والمعوّذتين

كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يرقي نفسه إذا أوى إلى فراشه بقراءة سورة الإخلاص وسورة الفلق وسورة النّاس، فيجمع كفّيه ويقرأ فيهما هذه السور ثلاث مرّات ثم يمسح ما استطاع من بدنه بعد ذلك، ومن الأحاديث النبوية التي تدلّ على فضل هذه السور في التحصين والرقية ما يأتي:


  • عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أوَى إلى فِرَاشِهِ، نَفَثَ في كَفَّيْهِ بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ، وما بَلَغَتْ يَدَاهُ مِن جَسَدِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا اشْتَكَى كانَ يَأْمُرُنِي أنْ أفْعَلَ ذلكَ به).[٩]


  • قال -عليه الصلاة والسلام-: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوِّذتينِ حينَ تُمسي وتصبحُ ثلاثَ مرَّاتٍ تَكفيكَ من كلِّ شيءٍ).[١٠]


  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لابن عابس الجهني -رضي الله عنه-: (يا ابنَ عابسٍ، أَلَا أُخْبِرُكَ بأَفْضَلِ ما تَعَوَّذَ به المُتَعَوِّذُونَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ هاتَيْنِ السورَتَيْنِ).[١١]


  • عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يتعوَّذُ منَ الجانِّ وعينِ الإنسانِ حتَّى نزَلتِ المعوِّذتانِ، فلمَّا نزلَتا أخذَ بِهِما، وترَكَ ما سواهما).[١٢]


الرقية الواردة عن النبي من السنة النبوية

صحّ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عدّة أدعيةٍ وأذكار نافعة في باب الرقية والتحصين، ولعلّ من أبرزها ما يأتي:

  • (باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِن كُلِّ شيءٍ يُؤْذِيكَ، مِن شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ، أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ).[١٣]
  • (باسْمِ اللهِ يُبْرِيكَ، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إذَا حَسَدَ، وَشَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ).[١٤]
  • (أذْهِبِ البأس رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا).[١٥]
  • (أَعُوذُ باللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِن شَرِّ ما أَجِدُ وَأُحَاذِرُ)،[١٦] وتُقال سبع مرات مع وضع اليدين على موضع الألم.
  • (بسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أرْضِنَا، برِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بإذْنِ رَبِّنَا).[١٧]
  • (أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة).[١٨]
  • (أعوذُ باللَّهِ السَّميعِ العليمِ منَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ من همزِهِ ونفخِهِ ونفثِهِ).[١٩]
  • (أعوذُ بكَلِماتِ اللهِ التامَّاتِ من غضبِهِ وعقابِهِ وشرِّ عبادِهِ ومن هَمَزاتِ الشياطينِ وأن يَحْضُرون).[٢٠]
  • (بسمِ اللهِ الَّذي لا يَضُرُّ مع اسمِهِ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ وهو السَّميعُ، ثلاثَ مرَّاتٍ).[٢١]
  • (رَبَّنا الَّذي في السَّماءِ، تقَدَّسَ اسمُكَ، أمرُكَ في السَّماءِ والأرضِ، كما رَحْمَتُكَ في السَّماءِ والأرضِ، اغفِرْ لنا حَوْبَنا وخَطايانا، يا ربَّ الطَّيِّبِينَ أنزِلْ شِفاءً مِن شِفائِكَ ورَحمةً مِن رَحْمتِكَ على هذا الوَجَعِ، فيَبْرَأُ).[٢٢]
  • (أسأَلُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أنْ يشفِيَك).[٢٣]


مشروعية الرقية بالقرآن والأدعية المشروعة عموماً

الأفضل للمسلم أن يحرص في الرقية على ما ثبت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ويُضيف إلى ذلك الرقية بما يستشفّ منه وجه النّفع لحاله، وقد جمع أهل العلم الكثير من الآيات القرآنية الكريمة التي قالوا بنفعها أيضاً في باب الرقية والتحصين من الضرّ والأذى والعين والحسد والسحر ونحو ذلك، والأصل في مشروعية ذلك:


  • قول الله -تعالى-: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ). [الإسراء:82]
  • ما ثبت عن عوف الأشجعي -رضي الله عنه-، حيث قال: (كُنَّا نَرْقِي في الجَاهِلِيَّةِ، فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ تَرَى في ذلكَ؟ فَقالَ: اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لا بَأْسَ بالرُّقَى ما لَمْ يَكُنْ فيه شِرْكٌ).[٢٤]


وحتى تكون الرقية مشروعة يُشترط فيها الشروط الآتية:[٢٥]

  • أن تكون بآيات القرآن الكريم وسوره، أو بأسماء الله الحسنى، أو بأدعية النبيّ الكريم، أو بالأدعية المشروعة عموماً، فباب الدعاء واسع.
  • أن تكون باللغة العربية.
  • أن يعتقد المسلم بأن الرقية هي سببٌ من أسباب العلاج والشفاء والتحصين، وأنّ الذي بيده الشفاء هو الله -عز وجل-.

المراجع

  1. "فضائل ثابتة وأخرى لم تثبت في فضل بعض سور القرآن"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 28/4/2023.
  2. "صحيح فضائل السور"، الكلم الطيب، اطّلع عليه بتاريخ 28/4/2023.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:5007، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:804، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:780، صحيح.
  6. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم:2091، صحيح الإسناد.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، الصفحة أو الرقم:5009، صحيح.
  8. عبد العزيز الراجحي، فتاوى منوعة، صفحة 57، جزء 15. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5748، صحيح.
  10. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن خبيب، الصفحة أو الرقم:3575، حسنه الألباني.
  11. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن ابن عابس الجهني، الصفحة أو الرقم:5432، صححه النسائي.
  12. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2058، صححه الألباني.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2186 ، صحيح.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2185، صحيح.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5675، صحيح.
  16. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن نافع بن جبير ، الصفحة أو الرقم:2202 ، صحيح.
  17. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5745، صحيح.
  18. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3371، صحيح.
  19. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:775، صححه الألباني.
  20. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم:3528، حسن غريب.
  21. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:1919، صحيح الإسناد.
  22. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن فضالة بن عبيد، الصفحة أو الرقم:7719، صحيح الإسناد.
  23. رواه الحاكم، في لمستدرك على الصحيحين، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1286، صحيح على شرط البخاري.
  24. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم:2200، صحيح.
  25. سعيد القحطاني، الذكر والدعاء والعلاج بالرقى من الكتاب والسنة، صفحة 1220، جزء 4. بتصرّف.